زلزال سياسي في ألمانيا
الخميس 28-09-2017 23:22
يشير المحلل السياسي الألماني ألكسندر رار في صحيفة “إيزفيستيا” إلى التحول، الذي حدث في المشهد البرلماني الألماني.
يمكن وصف نتائج الانتخابات البرلمانية في ألمانيا بأنها زلزال سياسي سيؤدي إلى تغيير المشهد السياسي في البرلمان الألماني.
أولا، فقد الحزبان الشعبيان – الاشتراكيون الديمقراطيون والديمقراطيون المسيحيون عددا كبيرا من ناخبيهما، حيث حصلا معا أكثر بقليل من 50 في المئة من الأصوات. وقد أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن رفضه الاستمرار في التحالف مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي؛ ما سيضطر ميركل، الفائزة بالانتخابات بنتيجة غير كبيرة، إلى البحث عن شركاء جدد بين الأحزاب الصغيرة لتشكيل الحكومة الجديدة. وهذه الأحزاب لم تعد صغيرة بعد تحقيقها نتائج جيدة وحصولها على مقاعد في البرلمان.
ثانيا، سيكون لستة أحزاب ممثلون في البرلمان، وهذا وضع جديد في ألمانيا، لم يسبق له مثيل في فترة ما بعد الحرب.
فبعد رفض الحزب الاشتراكي الديمقراطي التفاوض مع ميركل بشأن تحالف جديد، سيكون عليها كما يبدو تأليف تحالف يضم “الخضر” و”الديمقراطيين الأحرار”، وهذا تحالف غير متناغم، لوجود خلافات عمليا في جميع مسائل السياسة الخارجية والداخلية بين “الخضر” و”الديمقراطي الحر”، وخاصة في مجال الاقتصاد.
لهذا، سيكون من الصعب تصور تشكيلة الحكومة الجديدة، التي سيحاول كل طرف فيها إثبات أفضلية وجهة نظره لإدارة اقتصاد ألمانيا. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا حصلت على معارضة قوية حقيقية، وفق نتائج الانتخابات.
فقد كان هناك تحالف كبير يدير شؤون البلاد في السنوات السابقة، والمعارضة كانت شكلية تماما؛ ما كان يثير ملل الألمان. أما الآن، فأصبح الحزب الاشتراكي الديمقراطي حزبا معارضا وهو قوة كبيرة، وهناك فرصة كبيرة لتحالفه مع “اليساريين”، إضافة إلى أنه ستُجرى فيه تحديثات تجعله قويا لخوض الانتخابات المقبلة، ولينتصر على حلفائه السابقين.
كما سيشكل “البديل من أجل ألمانيا” معارضة يمينية قوية.
ومن جانب، فإن هذا الحزب هو حزب شعبوي، لعب بمهارة على استياء العديد من مواطني ألمانيا من سياسة الباب المفتوح في مجال الهجرة، التي انتهجها التحالف الحاكم برئاسة أنغيلا ميركل. وقد وعد الحزب بالوقوف بوجه أسلمة ألمانيا، وضد تدفق اللاجئين من البلدان العربية، وبالسعي لتقليص تدفقهم، وخاصة العناصر الإجرامية من شمال إفريقيا.
ومن جانب آخر، تثير هذه المسألة قلق المجتمع الألماني، حيث تظهر نتائج استطلاع الرأي أن أكثر من 50 في المئة من المشاركين في الاستطلاع هم ضد سياسة الهجرة، التي انتهجتها ميركل.
كما ستتغير سياسة برلين بعد هذه الانتخابات إزاء موسكو، ولكن ليس في الاتجاه الإيجابي. ففي السنوات السابقة، بذل الاشتراكيون الديمقراطيون في ألمانيا وبلدان أوروبا الأخرى كل ما في وسعهم للحفاظ على العلاقات بين روسيا والغرب. وإن انسحابهم من الحكومة سيزيد من تفاقم الوضع، وخاصة أن من المتوقع أن يكون منصب وزير الخارجية من نصيب “الخضر”، الذين يركزون على القيم الليبرالية في سياستهم الداخلية والخارجية وعلى حقوق الإنسان وسياسة تغيير الأنظمة السياسية في البلدان العربية. لذلك من الصعب تصور حدوث تغير بناء في العلاقات مع روسيا.
بل على العكس، قد تتفوق ألمانيا في ذلك على بلدان أوروبا الشرقية. ولكنني لا أريد أن أكون متشائما، وآمل أن تتمكن ميركل، التي تتحمل مسؤولية كبيرة في ألمانيا وأوروبا، من تطبيع العلاقات مع روسيا وإعادتها إلى مسار بناء.
ترجمة وإعداد كامل توما
R T