ads
رئيس التحرير
ads

مفتي الجمهورية في زيارة مفعمة بعبق التاريخ ونفحات العلم، حطت أقدامي في مدينة ترمذ العريقة، بجمهورية أوزبكستان العزيزة

السبت 19-10-2024 16:49

كتب

ابراهيم شحاتة 
في زيارة مفعمة بعبق التاريخ ونفحات العلم، حطت أقدامي في مدينة ترمذ العريقة، بجمهورية أوزبكستان العزيزة، مسقط رأس الإمام الجليل محمد بن عيسى الترمذي، رضي الله عنه، ومثواه الأخير رحمه الله، وقفت أتأمل تلك الأرض التي أنجبت ذلكم العالم الفذ والإمام الكبير الذي أضاء بنور علمه دروب الحضارة الإسلامية، وأسس لتراث خالد لايزال حيًا في ضمير الأمة الإسلامية وروحها، في ترمذ لا تجد حجرًا إلا وينبض بروح الترمذي، ولا زقاقًا إلا ويحكي لك قصصًا من عبق سيرته العطرة، كأن هذه المدينة تزهو بتاريخه وتنبض بطيب ذكره الذي لا يزال يضيء لنا الدروب.
وها هي نفسها هذه المدينة التي أنجبت الصوفي العارف، الحكيم الترمذي، الذي نهل من معين الروحانية والذوق العرفاني ما جعله رمزًا خالدًا في عالم التصوف، في هذه الأرض نجد آثارًا لا تفنى لفكرين عظيمين، فكر الإمام المحدث الذي أضاء بنور الحديث والفقه، وفكر الحكيم العارف الذي غاص في أعماق الروح الإنسانية باحثًا عن الحكمة والحقائق الباطنية،لم يكن الحكيم الترمذي عالمًا تقليديًا في مسلكه، بل كان صاحب رؤية عرفانية تجمع بين الظاهر والباطن، الحقيقة والشريعة ، ففي ترمذ تمتزج أصداء أحاديث الإمام الترمذي مع نفحات الصوفي الحكيم الذي سطر في مصنفاته دررًا من الحكمة والمعرفة الذوقية، فكما كان الترمذي المحدث مصباحًا في علوم الحديث، كان الترمذي الصوفي مشكاةً في عالم الروح والعرفان.
جاءت زيارتي إلى ترمذ تلبية لدعوة كريمة للمشاركة في مؤتمر علمي يعقد عن إمام هذه المدينة، وإمام الدنيا كلها، الإمام الترمذي رحمه الله، والذي يأتي تحت عنوان “دور التراث العلمي للإمام الترمذي في الحضارة الإسلامية”. ولعلها أيضًا فرصة عظيمة للتأمل في أثر الحكيم الترمذي، الذي لم يُعرف فقط ببصيرته الروحية العميقة، بل بمسلكه الصوفي الذي جمع بين الحكمة والذوق.
ورغم أن الله امتحن الإمام المحدث بفقد بصره في كِبره، إلا أن بصيرته ظلت منارة للأجيال، وكذا الحكيم الترمذي الذي ملأ الدنيا بتأملاته الروحية التي تجاوزت حدود الزمان والمكان.
رحم الله الإمامين الجليلين، المحدث والصوفي، وجعل علمهما نورًا في قبريهما، وشفيعين لهما يوم العرض على خالقهما ومولاهما.
ads

اضف تعليق