رئيس وزراء ماليزيا يصف حديثه في الأزهر الشريف بأنه “أروع التكريمات”
الإثنين 11-11-2024 15:16
وصف الدكتور أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، خلال محاضرته العامة بمركز الأزهر للمؤتمرات التي جاءت بعنوان: «معًا أقوى…رؤية للأمة الإسلامية من خلال التمكين التكنولوجي والاجتماعي والاقتصادي»؛ التحدث في قاعات جامعة الأزهر التي وصفها بـ “المقدسة” بأنه من أندر وأروع التكريمات في حياة أي مسلم. فلأكثر من ألف عام كان الأزهر الشريف منارة للعلم؛ هنا ازدهرت النهضة قبل فترة طويلة من رواج هذا المصطلح، وتوهج التنوير قبل بزوغ فجر عصر العقل في الغرب، هنا يكمن ألف عام من التعلم المتراكم؛ حيث سعى الرجال والنساء منذ فترة طويلة لفهم كلمة الله، وتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم، وأسرار الكون.
وأعرب رئيس وزراء ماليزيا خلال كلمته في رحاب الأزهر الشريف اليوم الأحد بحضور نخبة من قيادات الأزهر الشريف وعلمائه وأساتذته وعدد من الكتاب والدبلوماسيين، عن عميق تقديره وامتنانه لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على دعوته الكريمة لإلقاء هذه المحاضرة العامة في هذه المؤسسة الموقرة وأمام هذا الجمع المجيد من الجمهور المحترم والمثقف، مضيفًا: إن فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شخص ذو مكانة عالية؛ بحيث لا يكفي أن نحاول الإشادة بإنجازاته. وما يمكنني قوله بمنتهى اليقين هو أن فضيلة الإمام الأكبر أنموذج لفضائل الاعتدال على طريق الوسطية، وهذا يُترجم في إسهاماته المؤثرة والثرية للأمة في قيادة الأزهر الشريف، بما ينعكس إيجابًا على الأزهر الشريف والأمة، ليس فقط في المعرفة ولكن في الروحانية، وليس فقط في الأقوال بل في الأفعال.
وأشاد رئيس وزراء ماليزيا بمواقف شيخ الأزهر الشريف تجاه القضية الفلسطينية، وقال: إن شيخ الأزهر الشريف أظهر عزيمة وشجاعة حقيقيتين في التعبير عن المعاناة الفلسطينية، وساعد بذلك في إثارة اهتمام أكبر بمحنة الفلسطينيين، ولا سيما بين المجتمع الفكري والطلابي.
وأكد الدكتور أنور إبراهيم أن الأزهر الشريف قد قدم إسهامات كبيرة للعالم الإسلامي، وقد استفدنا منها كثيرًا في أرخبيل الملايو؛ فقد تألق خريجو الأزهر دائما في الدفاع عن الإيمان والمعرفة وغرس روح الإسلام وجوهره في مجتمعاتهم. ومن لم تتح له فرصة الدراسة في الأزهر الشريف فلا يزال يستفيد من أساتذتنا ومشايخنا، ويستفيد من خطابات العلماء.
ودعا رئيس وزراء ماليزيا الأمة إلى تقدير هذا الدور للأزهر الشريف، وألا ينسى أحد منا هذا الدور المحوري الذي يلعبه الأزهر الشريف- مركز الإصلاح، ومعقل المعرفة والتفكير الإبداعي، والأهم من ذلك، المدافع عن الأمة ضد هجمة الاستعمار مع الحفاظ على حقوق الأمة الإسلامية وهويتها وتأكيد هذه الحقوق وهذه الهوية. مؤكدًا أن الأزهر الشريف لا يزال قويًّا وقادرًا على القيام بهذه الأدوار الحاسمة.
وأضاف أنه في هذا الصدد تعلمنا من مشايخنا الكبار في الماضي القريب، مثل: الشيخ رشيد رضا ومحمد عبده وغيرهما ممن ألهمونا بالدعوة إلى إصلاح الأمة وتجديدها نحو التحديث المستنير. واليوم، لا يزال الأزهر الشريف مدفوعًا بنفس روح الحداثة، في حين يعمل في زمن مختلف وأنموذج مختلف نحو تقدم العلوم والتكنولوجيا من أجل رفعة الأمة وتقدمها.
وبيَّن رئيس وزراء ماليزيا أن الإسلام يوحد الجانب المادي والروحي، ويمزج الفكر مع الهدف الأخلاقي لإرشادنا نحو فهم شامل لدورنا الأخلاقي في المجتمع. وفي هذا الجانب، تلعب مؤسساتنا التعليمية دورًا حاسما في رعاية هذه الرؤية للمعرفة، فيجب أن تكون هذه المؤسسات أماكن يتعلم فيها الطلاب الإجادة وخدمة المجتمع والتفكير النقدي مثلما يتعلمون العلم ويسعون للتفوق، وأن تكون لديهم بوصلة أخلاقية قوية. ومن خلال هذا التكامل بين الفكر والأخلاق، تعمل مؤسساتنا على تنشئة جيل من المفكرين والقادة المستعدين للحفاظ على كرامة الجميع، وبناء عالم يعكس الوحدة والرحمة التي يتصورها الإسلام.
وأوضح أن هذا الدور يقوم به الأزهر الشريف، ويجب أن تقوم به كل مؤسسات التعليم العالي، وهناك على سبيل المثال بعض المؤسسات ذات الشهرة العالمية التي اكتسبت سمعة طيبة من حيث التميز الأكاديمي ولكن ينظر إليها للأسف على أنها تنتج خريجين مفلسين أخلاقيًّا. وهنا يصبح معيار التميز مع البوصلة الأخلاقية ضروريًّا للغاية.