ads
رئيس التحرير
ads

فضيلة أ.د.محمد الجندي،وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرةيلقي خطبة الجمعة غدآمن مسجدحسين صدقي بالمعادي وموضوعها:حب الأوطان معقل الأمان ومصدر الحنان

الجمعة 11-11-2022 00:17

كتب

 الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،

ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير.

حب الوطن فطرة فطر الله عز وجل عليها المخلوقات في الأرض فالإبل تحن إلى أوطانها، والطيور تحن إلى أعشاشها وأوكارها، أما الإنسان فحنينه إلى وطنه أشد وشوقه إليه أكبر، يقول الإمام إبراهيم بن أدهم: «عالجت العبادة فما وجدت شيئاً أشد علي من نزاع النفس إلى الوطن»

فهو إذا جلس في مكة مثلاً نازعته نفسه إلى الرجوع إلى وطنه، ومن حكمة الله – عز وجل – في تسخير الناس لعمارة الأرض أن جعل حب الوطن متأصلاً في النفوس مجبولة عليه، فترى البلد القليل الأمطار الكثير الحر أو الكثير الأوبئة، ومع هذا لا يعدل به أهله جنات في الأرض وأنهاراً،

وبما أن الوطن بهذه المنزلة وله هذه المكانة، فهل حبه والحنين إليه يؤجر عليه المسلم، إن حب المسلم لوطنه حب مشروع، يجتمع فيه الحب الفطري الغريزي، والحب الشرعي، وما تولّد حب الوطن إلا عن حب الأهل والأقارب والجيران، ثم عن تعلّق كل إنسان بمحل ولادته ومكان نشأته.
وقد قيل لأعرابي: أتشتاق إلى وطنك؟ قال: كيف لا أشتاق إلى رملة كنت جنين ركامها، ورضيع غمامها. وأبيات الشعراء ومقالات الحكماء في ذلك كثيرة جداً.
فحب الوطن نبه عليه الشارع الحكيم في مواطن متعددة، يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري على حديث أنس «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته – أي أسرع بها –

وإذا كانت دابة حركها من حبها» قال رحمه الله: فيه دلالة على مشروعية حب الوطن والحنين إليه. وفي الصحيح عن عائشة في قصة الوحي أن ورقة بن نوفل لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك. قال صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟! قال:

نعم. والاستفهام الإنكاري هنا دليل على شدة حب الوطن وعسر مفارقته.
في السنة الثامنة من الهجرة، نصر الله عبده ونبيه على كفار قريش، ودخل صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة فاتحاً منتصراً، وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل مكة، وقد امتلأت قلوبهم رعباً وهلعاً،

يفكرون فيما سيفعله معهم رسول الله بعد أن تمكن منهم، ونصره الله عليهم، وهم الذين آذوه، وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد، وحاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر، وتآمروا عليه بالقتل، وعذبوا أصحابه وسلبوا أموالهم وديارهم، وأجلوهم عن بلادهم.
لكنه صاحب الأخلاق النبوية قابل كل الإساءات بالعفو والصفح والحلم، قال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟، قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وجاء عند البيهقي أنه عليه الصلاة والسلام قال:

«أقول لكم كما قال يوسف لأخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم».
قال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قام على باب الكعبة
فقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، أَلا كل مأْثرة أو دم أو مال يدّعى، فهو تحت قدميّ هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ثم قال: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
يقول «ابن القيم» في كتابه «زاد المعاد»، وعد الله عز وجل رسوله أنه إذا فتح مكة دخل الناس في دينه أفواجاً، ودانت له العرب، فلما تم له الفتح المبين اقتضت حكمته تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام،

وأن يجمعوا ويتألبوا لحرب رسول الله والمسلمين، ليظهر أمر الله وتمام إعزازه لرسوله ونصره لدينه، وقهره لهذه الشوكة،

التي لم يلق المسلمون مثلها، فلا يقاومهم بعد أحد من العرب،

ads

اضف تعليق