الرئيسية آخرالاخبار آراءحرة أحداث عالمية أخبار العالم أخبار عاجلة أخبار عالمية أخبار عربية أخبار في أخبار أخبارالعالم العربي اخبارعالمية الأزهرالشريف الرئيسية الصحافة العالمية الصفحةالدينية الصفحةالرئيسية سـفــــــــراء الازهـــــرالشـــريف صحافة إسرائيلية صحافة عالمية صحافة محلية كتابنا
الأستاذالدكتور/غانم السعيد عميدإعلام الأزهرالسابق يكتب…(مكة) أول محمية طبيعية في التاريخ الإنساني.
الثلاثاء 22-11-2022 20:49
بمناسبة عقد المؤتمر الدولي للمناخ في مصر، فإن من أهم ما تطالب به الأمم المتحدة – من أجل الحفاظ على استقرار المناخ في العالم وتجنب تغييراته -ضرورة وجود مساحات شاسعة في أراضي كل دولة لا يسمح بالتدخل البشري في تغيير طبيعتها التي خلقها الله عليها، وألزمت كل دول العالم بأن تكون تلك المحميات تحت إشرافها ومتابعتها، ووضعت لها قوانين صارمة كي تحافظ عليها وتمنع أي اعتداء على مكوناتها من أشجار، ونباتات، وحيوانات، وطيور، وآبار مياه، وجبال، وأودية، وسهول، ورمال، وتربة .. الخ.
ويعتقد كثير من الناس أن العالم الغربي المتحضر ممثلا في الأمم المتحدة كان أول من اهتدى إلى فكرة هذه المحميات الطبيعية، وهذا أمر يجافي الحقيقة الناصعة التي تشهد بأن الإسلام هو أول من عرف هذه المحميات، ووضع لها قانونا سماويا جاءت نصوصه في القرآن الكريم – الدستور الخالد للمسلمين- فمكة -شرفها الله – هي أول محمية طبيعية عرفتها البشرية منذ أن أسس الله فيها قواعد بيته الحرام، فمكة يحرم في حرمها قطع شجرها، وتفزيع طيرها، وصيد حيوانها، ومن فعل ذلك في الشجر فعليه دم، ومن فعله في طيرها وحيواناتها البرية فعليه دية، وأقول دية بمعناها ومفهومها، يحكم بقيمتها رجلان عدلان، ولا ينفع فيها حكم عدل واحد، وقد أنزل الله ذلك التشريع قرآنا يتلى ويتعبد به ولا يحوز مخالفته، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾، أي إن قتل نعامة أو حمارا وحشيا فعليه بدنة [ناقة]، وإن قتل بقرة أو أيلا أو أروى فعليه بقرة، أو قتل غزالا أو أرنبا فعليه شاة، وإن قتل ضبا أو حرباء أو يربوعا، فعليه سخلة[الصغيرة من الماعز] قد أكلت العشب وشربت اللبن، ولا بد لتحديد حجم المثل من النعم أن يحكم به رجلان عدلان، ومما يروى في سيرة عمر – رضي الله عنه – أنه جاءه قبيصة بن جابر : وقال له: أصبت ظبيا وأنا محرم ، فأرسل إلى عبد الرحمن بن عوف ليحكم معه في ديته، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن أمره أهون من ذلك! أي: ما تحتاج إلى أحد يحكم معك فيه، قال: فضربني بالدرة حتى سابقته عدوا! قال : ثم قال: قتلت الصيد وأنت محرم ، ثم تغمص الفتيا؟! ألم تقرأ قول الله تعالى: ﴿وليحكم به ذوا عدل منكم﴾ قال قبيصة: فجاء عبد الرحمن، فحكما بشاة .
فإذا لم يستطع قاتل الصيد في الحرم أن يفدي بمثله من الأنعام فعلية كفارة كما قال ربنا: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ } [ سورة المائدة : 95 ].
ومن عظيم شأن الإسلام في شأن تلك المحمية الطبيعية الإسلامية، أن المحرم في وقت إحرامه لا يجوز له أن ينتزع شيئا من جسده حماية لهذا الجسد وتأمينا له في حرم الله الآمن، فغير مسموح للمحرم أن ينتزع شعرة من جسده، ولا أن يقلم ظفرا من أظفاره، فإن فعل ذلك كان عليه فدية حتى تصح عمرته أوحجته.
إنها قوانين إلهية لتلك المحمية تعجز الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات والجهات أن تضع تشريعا محكما لحماية المحميات الطبيعية مثل قانون رب العالمين.