ads
رئيس التحرير
ads

الأستاذالدكتور/غانم السعيد عميدإعلام الأزهرالسابق يكتب…(الأذان) شعيرة..والتقليل من شأنها نفاق وخديعة.

الثلاثاء 22-11-2022 21:30

كتب

( الأذان) من بين شعائر الإسلام المهمة التي تعرضت في الآونة الأخيرة للهجوم – للأسف الشديد- من بعض من ينتسبون إلى الإسلام،
حيث اكتشف هؤلاء فجأة أن صوت الأذان يؤذي مشاعر السياح، ويرون أنه من بين أهم أسباب عدم إقبال السياح على زيارة مصر والتمتع بجمالها وآثارها، وهم في حقيقتهم لا تشغلهم مصر ولا أمور السياحة فيها بقدر ما يشغلهم أن يناموا ويصحوا فلا يجدوا للإسلام أي أثر في مصر بلد الأزهر الشريف، وكنانة الإسلام من يوم أن دخلها منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمان وإلى مايشاء الله رضي من رضي،
وأبى من أبى، ومنذ هذا التاريخ والسياح يأتون ويذهبون ولم نسمع عن أحد منهم أنه قد اشتكى من سماعه صوت الأذان، وأنه يفزعه ويروعه، بل بالعكس فبعضهم ممن علم بهذه الدعوة المسمومة – من هؤلاء الذين يسكن في قلوبهم مرض النفاق والحقد على الإسلام – سمعناهم من خلال فيديوهات يعلنون فيها أنهم يحترمون خصوصية المسلمين وكل ما يتعلق بدينهم، وأنهم لم يتأذوا يوما من سماعهم لصوت الأذان، ويرون أنه من معالم بلاد المسلمين الذي يحبون أن يسمعوه، ويشاهدوا من يؤديه.
وهذه الدعوة المثيرة للاستغراب والامتعاض تجعلنا نتحدث عن قصة هذه الشعيرة الإسلامية المهمة، متى وكيف تقررت، ومامنزلتها في الإسلام؟! حسب ما جاء في كتب الحديث الصحيحة والسيرة النبوية الشريفة.
فالمسلمون قبل هجرتهم إلى المدينة كانوا قليلي العدد، يتخفون في صلاتهم من مشركي مكة، ولا يكادون يجتمعون لصلاتهم خوفا من الأذى، وإذا اجتمعوا ترقبوا دخول الوقت، وقدروا وقته، ثم قاموا إلى الصلاة، دون أذان أو إقامة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى المسجد النبوي، وأصبح المسلمون كثرة، ولم يعودوا يخشون الجهر بعباداتهم، استشار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أصحابه في وسيلة يجمع بها الناس للصلاة، فقال بعضهم: نرفع راية، فإذا رآها المسلمون علموا أنه قد حان وقت الصلاة فجاءوا، وتم رفض هذا الاقتراح، لأن الذين سيرون الراية قلة من المسلمين، ثم هي لا ترى بالليل فلا تنفع للإعلان عن وقت العشاء والفجر،
فقال بعضهم: نوقد نارًا عند حلول وقت الصلاة قال – صلى الله عليه وسلم -: إن رفع النار من فعل المجوس، ولا نحب أن نقتدي بهم، فقال آخر: نتخذ بوقًا ننفخ فيه، فيرتفع الصوت، فيسمعه من يريد الصلاة، قال – صلى الله عليه وسلم- : اتخاذ البوق من فعل اليهود ولا نحب أن نفعل مثلهم. ثم قال رابع: نتخذ ناقوسًا، نضربه عند حلول وقت الصلاة قال – صلى الله عليه وسلم-: اتخاذ الناقوس من فعل النصارى، وسكت- صلى الله عليه وسلم- وهو يفكر، أليس النصارى أقرب الناس مودة للذين آمنوا؟ أليست المشابهة في عمل من أعمالهم أقل خطرًا على المسلمين من مشابهة غيرهم؟ لم لا نتخذ ناقوسًا حتى يأتي أمر الله؟ فأمر – صلى الله عليه وسلم – بصنع ناقوس، فقال عمر: لا نتشبه بالمجوس ولا باليهود ولا بالنصارى، وينبغي أن نبعث رجلًا إلى مكان مرتفع، أو إلى باب المسجد، ينادي، يجمع الناس للصلاة.
ورضي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بهذه المشورة، فقال: يا بلال. قم وناد بالصلاة، فقام بلال إلى باب المسجد ونادى بأعلى صوته الحسن: الصلاة جامعة، الصلاة جامعة.
وانصرف الصحابة إلى بيوتهم تلك الليلة، وهم مشغولون بما دار من حديث، وفيهم عبد الله بن زيد، قال – رضي الله عنه -: انصرفت وأنا مهتم لِهَمِّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فرأيت في منامي، وأنا بين النائم واليقظان رجلًا يحمل ناقوسًا في يده، فقلت يا عبد الله. أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، فقال: تقول: الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسول الله. أشهد أن محمدًا رسول الله. حي على الصلاة. حي على الصلاة. حي على الفلاح. حي على الفلاح. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله [وعلمه الإقامة أيضًا] فلما أصبح عبد الله بن زيد أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخبره بما رأى، وكان الوحي قد نزل مؤيدًا الآذان، فقال – صلى الله عليه وسلم – لعبد الله بن زيد: إنها لرؤيا حق قم مع بلال، فألق عليه ما رأيت. فليؤذن به، فإنه أندى منك صوتًا، فقام، فجعل يلقى، وبلال يؤذن به، فسمع ذلك عمر بن الخطاب، وكان قد رأى نفس ما يسمع، فخرج يجري يجر رداءه، فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل هذا، فقال – صلى الله عليه وسلم -: وما منعك أن تخبرنا؟ قال: سبقني عبد الله، قال. صلى الله عليه وسلم:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}[الأعراف: 43].
وعن منزلة هذه الشعيرة في الإسلام، يقول ابن حجر : ” قال القرطبي وغيره: “الأذان على قلة ألالمخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم ، وفيه الإشارة إلى المعاد ، ثم أعاد ما أعاد توكيداً ، ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت ، والدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام .. ” .
وفي هذا الحدث من أحداث السيرة النبوية عِبَر كثيرة منها : أن رؤيا المؤمن صالحة وتحمل البشرى له ولمن رؤيت له، وبيان أن المؤذن صاحب الصوت الندي أولى بالأذان من غيره ، وفضل بلال ـ رضي الله عنه ـ وأنه أول مؤذن في الإسلام.
فهل ينتهي هؤلاء الذين في قلوبهم مرض، وفي آذانهم وقر، من إثارة تلك الدعاوى المسمومة التي تصدم المسلمين في مشاعرهم، وتسيء إلى دينهم ؟!.
ads

اضف تعليق