الرئيسية آخرالاخبار آراءحرة أحداث عالمية أخبار العالم أخبار عاجلة أخبار عالمية أخبار عربية أخبار في أخبار أخبارالعالم العربي أخبارك اخبارعالمية الأزهرالشريف الرئيسية الصحافة العالمية الصفحةالدينية الصفحةالرئيسية العالم في أخبار شئون دينيه صحافة عالمية صحافة محلية مقالات
الأستاذالدكتور/غانم السعيد عميدإعلام الأزهرالسابق يكتب…الإسلام فطرة …… تَتَشَرَّبُهُ فطرة
الثلاثاء 22-11-2022 23:56
في حي المعادي ، وفي أحد المساجد التي أؤدي فيها بعض خطب الجمعة
يتردد عدد من الأجانب من أصحاب البشرة السمراء لصلاة الجمعة فيه ، لفت انتباهي في هؤلاء الأجانب شاب قوي البنية فارع الطول ، جميل المحيا ، باسم الثغر ، تعود بعد كل صلاة أن يقْبِل علي هاشا باشًّا ليسلِّم ويحرص على أن يقبِّل على يدي ورأسي ، وكنت كلما تأملته أقول في نفسي : سبحان الله ! ! لما أراه من طغيان النور الرباني المنبعث من سمو الروح وصفاء القلب على سمرة البشرة ، وكنت أظن في بادئ الأمر أنه أحد أبناء أفريقيا الذين يحلون ضيوفا علينا لطلب العلم أو للتجارة ، وقد دعاني الفضول يوما ما أن أقترب منه وأتعرف عليه.
سألته : ما اسمك ؟ قال : قبل الإسلام أم بعده ؟؟ ، فأخذتني الدهشة من إجابته حتى أدركها في وجهي ، فقلت له : قبل وبعد ، فقال: أما قبل ف ( جون ) .
وأما بعد والآن وإلى أن ألقى الله ف ( محمد ) .
فسألته : وما جنسيتك ؟
فقال : أمريكي من نيويورك ولكن جذوري أفريقية من نيجيريا .
كل ذلك يقوله بلغة عربية فصيحة حتى لتشعر أنك أمام عربي بدوي قح وفد عليك من صحراء السماوة التي أنطقت المتنبي بفصيح الألفاظ ، وغريب الكلمات وصحراوية الصور والخيالات .
سألته : متى وكيف دخلت الإسلام ؟؟
قال : أما متى ؟ فمنذ خمسة أعوام .
أما كيف ؟؟ ردد على نفسه السؤال ووجه تلوح منه ابتسامة حيية متحرجة ، ولكن سرعان ما ابتلع ريقه ، وعادت لمحياة ملامح الجدية ، ثم قال : قصة عجيبة وغريبة ياشيخي : حيث تعرفت في جامعتي على زميلة لي مصرية ومن أسرة مسلمة ، وما كنت أظنها أنها ستبادلني مشاعر الحب لسمرة بشرتي ولأمور أخرى ، ولكنها وافقت وعشنا قصة حب رائعة لمدة سنتين ، ولما عرضت عليها الزواج رفضت لأن أسرتها المسلمة لن توافق على زواجها من رجل على غير دينها وأنا مسيحي ، فقلت لها : أريد الذهاب إلى بيتكم والتعرف على أسرتكم كصديق ، فوافقت ، وفعلا ذهبت ولقيتها أسرة متدينة طيبة تصلي صلاتها في موعدها وتصوم بعض أيام الأسبوع ، وتتحدث بصدق ، وتلتزم الأمانة ، وترتدي الأم الحجاب وتقرأ القرآن .
وكان مما يثير دهشتي وتعجبي بأن زميلتي بنت هذه الأسرة لا ترتدي الحجاب ولا تصلي كأمها ، تعلق قلبي بهذه الأسرة وأردت أن أتعرف على هذا الدين الذي يعتنقونه أكثر وأكثر ، فذهبت إلى أحد المراكز الإسلامية وجلست إلى بعض شيوخ الأزهر هناك فشرحوا لي قيم الإسلام وأخلاقه وسننه وفرائضة وفي كل يوم يقبل قلبي وعقلي على الإسلام حتى حانت اللحظة الحاسمة في حياتي ، فذهبت إلى المركز الإسلامي ونطقت بالشهادتين ودخلت في الإسلام .
وذهبت من المركز مباشرة إلى أسرة حبيبتي أحمل بين جنباتي أعظم فرحتين في حياتي ، فرحتي بأنني أصبحت مسلما وفرحتي بارتباطي بمن جعلتني مسلما ، طرقت الباب وكانت في انتظاري ، لفت انتباهها تلك الفرحة الغامرة التي تتهلل على وجهي ، فسألتني بلهفة : ما الأمر ، فقلت لها : حبيبتي ، لقد آن لحلمنا أن يتحقق ، لقد آن لي أن أكون زوجا مسلما لزوجة مسلمة ، لقد أعلنت إسلامي الآن حبيبتي !! ، وهنا رأيت الخبر يقع عليها كالصاعقة ، فاغبر وجهها واسود محياها ، ثم قالت بصوت عال متهدج وهي في شدة الغضب :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ وللحديث بقية
************************ (٢) **************************
قالت له : أرجووووووك لا تدخل الشقة ولا تخبر والدي ووالدتي بإسلامك حتى نتفاهم في الأمر خارج البيت … انتظرها محمد في كافيه على ناصية الشارع وهو في دهشة من تصرفها ، فلما جاءته لم تهنئه على اعتناقه الإسلام فأصرها في نفسه ، ثم بدأت تحدثه بانفعال عن شروطها للزواج بعد أن دخل في الإسلام ، ومن أهمها أن لا يجبرها على حجاب ولا صلاة ، فقال لها هذه أول شروطي وتبقى شروط أخرى ، قالت له : لا تقلها لأنني لن أقبلها ، ثم تركته بلا استئذان وانصرفت .
يقول محمد : أخذتني لحظة تأمل نظرت فيها في حالي وفي حالها ، فحبي لها هو من جذبني إلى الإسلام فعرفته ، وعدم فهمها للإسلام هو الذي فرق بيني وبينها ، فحمدت الله وشكرته بعد أن شعرت أن نور الإسلام قد ملأ علي جنبات قلبي ولم يعد لها مكان فيه ، ثم نهضت من على مقعدي وأنا أردد قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )) .
ثم يواصل محمد حديثه قائلا : وبعدها شغلت بتعلم العربية واعتبرت أن من أولى الواجبات علي أن أتعلمها كما كان ينطقها رسول صلى الله عليه وسلم حتى أحفظ القرآن وأتعلم السنة ، وانصرفت إلى طلب العلم الشرعي من شيوخ الأزهر في المركز الإسلامي ، وبينما أنا كذلك وبعد عدة شهور ، رأيت فتاة تدخل المركز يبدو من ملامحها أنها متحيرة تبحث عن الحقيقة التي كنت أبحث عنها ، نهضت مسرعا إليها ، عارضا خدماتي عليها ، وفعلا صدق حدسي فيها ، فقد قالت: لي أنها قرأت عن الإسلام كثيرا حتى اقتنعت به ، وأنها تريد شيخا أزهريا تعلن إسلامها على يديه ، فصحت مهللا ومكبرا ، ثم قلت لها : من أي البلاد أنت ؟ قالت أمريكية وقد هاجرت من سنغافورة .
فرحت بها كثيرا وهنأتها على أن هداها الله للإسلام ، وعرضت عليها أن تبقى الليلة في ضيافة دار المركز حتى يأتي العالم الأزهري غدا ، فوافقت ، ثم عرضت عليها أن ترتدي الزي الإسلامي من الثوب الفضفاض والحجاب فوافقت أيضا بكل ترحاب ، فأخذتها إلى محل البيع المجاور للمسجد فاشتريت لها ما يناسبها ، ثم خرجت من المحل وكأنها حورية من الجنة .
وفي اليوم التالي جاء الشيخ وأقيمت مراسم النطق بالشهادتين ،
وبعد أن أعلنت إسلامها ، فاجأتها بسؤال لم تتوقعه ، قلت لها : أتقبلينني زوجا لك على كتاب الله وسنة رسول الله وحددت لها مبلغا كبيرا من المال كصداق لها ، فأخذتها الدهشة قليلا ثم قالت مبتسمة : موافقة ، فعقد الشيخ عقد الزواج واستضافتها دار المسجد حتى جهزت شقة الزواج في خلال عدة أيام ، ثم نقلتها إلى شقة الزوجية في زفة إسلامية أسعدتها وطيبت خاطرها .
ثم يواصل محمد حديثه قائلا :
لم أعرف معنى حديث رسول الله : ( الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة ) إلا من زوجتي هذه .
ثم يقول : وها نحن ياشيخنا قد تركنا أمريكا وجئنا بكل مدخراتنا لنعيش مدة في مصر نأخذ القراءات القرآنية من قرائها ونلتقى الحديث من محدثيها ، والفقه من فقهائها ، والعربية من علمائها .
والحمد لله فإن مصر وأزهرها بخير .
فهدهدت على كتفيه ودعوت له ولزوجه بالتوفيق والهداية والسعادة .
ولا يزال في القلب والعقل كثير من المعاني والدلالات .
وحقا فإن الإسلام فطرة تتشربه فطرة
الحمد لله على نعمة الإسلام .