ads
رئيس التحرير
ads

الأستاذالدكتور/غانم السعيد عميدإعلام الأزهرالسابق يكتب… عندما تكون الدعوة بطول العمر نقمة.

الخميس 24-11-2022 08:38

كتب

من الأمور التي يتمناها الإنسان – أي إنسان – أن يطول عمره، هذه فطرة جبل الله الخلق عليها، وكلنا ندعو لأنفسنا ولأولادنا ولأهلينا وأحبابنا وأصدقائنا بطول العمر، وفي المقابل نهانا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن ندعو على أنفسنا وأولادنا وأموالنا بسوء وشر، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم -: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
ومع أن الدعوة بطول العمر محبوبة مقبولة، إلا أنها قد تكون – أيضا – دعوة نقمة من مظلوم ينتقم بها ممن ظلمه، وذلك إذا صحبتها دعوة بطول الفقر ليجتمع على الظالم طول العمر وطول الفقر، وما أسوأه من حال حينما يطول عمر الإنسان حتى يهرم، وهو مع هذا العمر يعيش في ضيق وضنك من العيش يتكفف الناس ويسألهم حتى يجد طعامه وشرابه، إنها مأساة إنسانية تجعل من نالت منه هذه الدعوة يتمنى الموت، بل قد يدعو على نفسه به ليستريح من منغصات الفقر ومكدرات الدنيا، وكانت هذه الدعوة هي نقمة سيدنا سعد بن وقاص من رجل ظلمه، حينما اتهمه با تهامات باطلة رياء ونفاقا وسمعة، وقد جاءت الرواية الصحيحة لهذه الواقعة تقول: “أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أمَّر سعدَ بن أبي وقاص – رضي الله عنه – على الكوفة، فشكاه أهل الكوفة إلى أمير المؤمنين عمر – وكان هذا دأبهم مع كل من يولى عليهم – حتى قالوا إنه لا يحسن أن يصلي، وهو صحابي جليل شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، فأرسل إليه عمر، فحضر فقال له: إن أهل الكوفة شكوك حتى قالوا: إنك لا تحسن أن تصلي، فأقسم له سعد – رضي الله عنه – بأنه يصلي بهم صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – ، لا يخرم فيها، أي: لا ينقص منها،، فقال له عمر – رضي الله عنه – : ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، ولم يكتف عمر بإجابة سعد فأرسل وراءه رجالًا إلى أهل الكوفة، يسألونهم عن سعد وعن سيرته فيهم، فكان هؤلاء الرجال، لا يدخلون مسجدًا ويسألون عن سعد إلا أثنوا عليه خيرا.
حتى أتى هؤلاء الرجال إلى مسجد لبني عبس، فسألوهم، فقام رجل فقال: أما إذ ناشدتمونا سعدا، فإنه لا يخرج في الجهاد، ولا يقسم بالسوية إذا غنم، ولا يعدل في القضية إذا حكم بين الناس، فهذه تهم ثلاث لو ثبتت واحدة منها على سعد لأقصاه عمر عن الإمارة وجلده، فقال: سعد – رضي الله عنه : أمَا إنك قلت هذا، فلأدعون عليك بثلاث دعوات، فرفع يديه إلى السماء ودعا قائلا: اللهم إن كان عبدك هذا قد قام رياء وسمعة – يعني لا بحق له – اللهم فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، ثلاث دعوات مقابل ثلاث دعوات، فأجاب الله دعاءه، فعمَّر هذا الرجل طويلًا وشاخ حتى إن حاجبيه سقطت على عينيه من الكبر، وكان غنيا فصار يتكفف الناس ويسألهم العطاء في الطرقات والأسواق، وكان وهو على هذا الحال يتعرض للجواري، أي : الفتيات، في الأسواق فيغمزهن، فكان الناس يعيبون عليه ذلك، فيقول لهم عن نفسه: شيخ كبير مفتون أصابته دعوة سعد.
اللهم نجنا من الظلم، وأطل عمرنا، ووسع أرزاقنا، واقبضنا إليك غير مفتونين.
ads

اضف تعليق