شاعرة الوادى نوال مهني: البيئة الإعلامية في العالم العربي تحتاج إلى مراجعة ونسعى لإعلام بمقاييس دقيقة
السبت 26-11-2022 00:50
كتب/كرم عصام كرم
منذ صباها عشقت الشعر واللغة العربية ورغبت في دراسة لغتها الأم لتحقق شغفها الشعري لكن وقت قصير من التأخير كان كفيل بتحويلها من درس العربية إلى دارسة الفلسفة وعلم النفس لتكتشف عبر هذا الميدان الخير والجمال والحق وتتسع مع هذا الاكتشاف نظرتها لشمولية الكون، فامتزجت الدراسة الفلسفية مع الموهبة الشعرية وصقلت شخصية أخرى لشاعرة الوادى نوال مهني.
جمعت بين الشعر والفلسفة والعمل في الإعلام والاهتمام بقضايا المرأة المصرية والعربية، لتؤكد بعد سنوات من العمل والإبداع أن مستقبل مشرق واعد ومبشر بالخير والنجاح ينتظر المرأة العربية، إذا ما أخلصت لمشروعها العملي والإبداعي، والتفاني والإخلاص والمثابرة وبذلك الجهد والعطاء.
للحديث عن المرأة العربية ومستقبلها وسبل نجاحها ودور الشعر والإعلام العربي في تحقيق أهداف المجتمع كل ذلك وغيره، كان في صلب الحديث الصحفي مع شاعرة الوادى نوال مهني، الذي أجرته اللجنة الإعلامية لمؤتمر “قضايا المرأة المعاصرة في كتابات المجددين – التحديات وآليات المعالجة”، المزمع انطلاق فعالياته في الفترة من 25-26 نوفمبر في اسطنبول بتركيا، بتنظيم من اتحاد الجامعات الأفروآسيوية وذلك بالتعاون مع العديد من المؤسسات البحثية والأكاديمية.
تعتقد شاعرة الوادى، أن المرأة العربية استطاعت الموائمة بين احتياجاتها وما يحدث حولها من تطور في المجالات الثقافية والصناعية والتقنية، وقد تأثر المجتمع بهذا التطور، وكان للمرأة نصيب منه أيضا، وفي مقدورها متابعة مسيرتها لتستفيد من توفر وسائل الاتصال في إيصال أفكارها وإبداعها إلى كل مكان.
لكنها تشير أنه لا يزال أمام المرأة الكثير من المهام التي يجب إنجازها، وهي قادرة على المنافسة في القدرات والمواهب وقادرة على العطاء.
تقول مهني “بلا شك هناك بعض التحديات التي تعوق مسيرة المرأة العربية والشرقية بصفة عامة رغم ما حققته من نجاحات غير مسبوقة في التاريخ منذ العصر الجاهلي”.
تعدد الشاعرة التحديات، من بينها التعصب والفهم الخاطئ للأديان ومنعها من تولي وظائف معينة، وتحمل المرأة عبء البيت والعمل معا دون مساعدة الزوج في شؤون الأسرة، وللتغلب على ذلك يتعين على المرأة مواصلة الاتجاه في مسيرتها وتقدمها وإتقانها لعملها.
وتستدرك مهني بقولها “لقد أثبتت المرأة قدرتها على الجمع بين واجبات أسرتها وشؤون عملها وأدوارها المجتمعية والواقع يشهد بذلك.. إن دور المرأة في الحياة العامة لا يمكن إنكاره أو الاستغناء عنه”.
تتحمل الحروب والصراعات الداخلية المسؤولية الأكبر في تحمل المرأة العربية مسئولية الأسرة، وخصوصا إذا انشغل رب الأسرة بهذه الحروب والصراعات وترك عبء الأسرة كاملا على كاهل المرأة “الأم والزوجة” فهذا يكبدها من المتاعب ما يفوق طاقتها، وهي في النهاية شريكة باعتبارها مواطنة فتتأثر نفسيا وجسديا بما يحدث حولها، وربما تتكبد تضحيات قد تصل إلى حد الموت أو فقدان أحد أفراد الأسرة، وكل هذا يمثل ضغوطا كثيرة على المرأة .
المجددون يفتقدون التغيير
كثير من المجددين والمصلحين كتبوا عن المرأة وقضاياها مثل النورسي وقاسم أمين والغزالي والشعراوي وغيرهم، لكنهم لا يملكون قرار التغيير أو سلطة التنفيذ بحسب الشاعرة مهني، وتكمل “رغم حصول المرأة المعاصرة على حقوق كثيرة حرمت منها الجدات، لكن ظلت المرأة في بعض المجتمعات الأفروآسيوية تعاني من التفرقة وتمنع من تولي بعض المناصب وربما تحصل على أجر أقل من زميلها برغم نجاحها في كل المجالات التي ارتادتها”.
وتتابع “مما لا شك فيه أن كتابات المجددين لها صدى كبير ودور هام في إلقاء الضوء على مكانة المرأة وانقاذها من التهميش والدعوة إلى النظر إليها بعين الإنصاف كي يستفيد المجتمع من قدراتها” .
وفي معرض حديثها عن مؤتمر “قضايا المرأة المعاصرة”، عدت تنظيمه خطوة هامة لصالح المرأة المعاصرة، وهي بالتأكيد فكرة جيدة نوجه تحية للقائمين على انعقاد المؤتمر، وتضيف “هذا ينم عن تقدير للمرأة والاهتمام بشؤونها والاعتراف بدورها في المجتمع”.
تتوقع شاعرة الوادى أن يكون للأبحاث المقدمة للمؤتمر والأراء التي تطرح دور كبير للتعريف بقضايا المرأة والتحديات التي تواجهها وكيفية علاجها.
تشدد مهني على ضرورة تحويل توصيات المؤتمر إلى واقع؛ بمعنى تفعيل تلك التوصيات ونقلها إلى حيز التنفيذ، لأن الكثير من المؤتمرات تقدم أفكارا جيدة وأراء وجيهة وتوصيات محترمة ولكن للأسف تظل حبرا على ورق دون تطبيق، فلا يستفاد منها، وهذا ليس عيب المؤتمرين لأن مهمة التنفيذ تقع على عاتق المسئولين وأصحاب القرار.
لترجمة مخرجات المؤتمر، أكدت أهمية التوجه بالمخرجات إلى أهل الحل والعقد لصياغتها في صورة قواعد تنفيذية، وبذا يحقق المؤتمر أهدافه المرجوة “المؤتمر عليه تقديم الأفكار والرؤى واقتراح الحلول، وتبقى مهمة التطبيق على الحكومات وأصحاب القرار”.
في إشارة إلى دور اتحاد الجامعات الأفروآسيوية، تؤكد مهني أن دوره هام وحيوي في طرح ومناقشة القضايا المجتمعية بكل شؤونها وأشكالها ووضع الحلول الممكنة، ويتحقق ذلك عبر أعضائه الأكاديميين والكفاءات في كافة التخصصات “لذا فهو مهيأ للقيام بهذا الدور”، وتعتقد أن الاتحاد سيكون له دورا رائدا في التنبيه والكشف عن موضوعات كثيرة تحتاج إلى البحث والدراسة ربما لم يسبق طرحها في مؤتمرات سابقة .
وتعول على المؤتمر كثيرا في معالجة القضايا المعضلة بفضل إخلاص أعضائه والقائمين عليه.
تشكل وعي مهني عبر سنوات طويلة من تلقي العلم الجامعي وصقل الأكاديمي بالعمل الميداني الذي شغف قلبها، فتشكلت عبرها مواقفها من موضوعات عدة مثارة نقاش وجدل في المجتمعات العربية، وقد عبرت عن تلك الموضوعات بالشعر والنثر والصحافة.
تروي الشاعرة نوال مهني كيف تحول فشل التحاقها بقسم اللغة الغربية في الجامعة، واضطرارها للالتحاق بقسم آخر، فكانت المفاجأة أن القسم الأخير منحها نظرة كلية للكون والحياة، “منذ صباي الباكر وأنا أحب الشعر وأعشق اللغة العربية، وفي المرحلة الجامعية أردت دخول قسم اللغة العربية ولكن تأخرت في ملئ استمارة الرغبات حتى ازدحم القسم وأصدر عميد الكلية قرارا بعدم قبول طلبات جديدة”.
أمام قرار عميد الكلية اختارت مهني قسم الفلسفة وعلم النفس، فحقق لها ذلك ما لم تكن تتوقعه “أفادتني كثيراّ دراسة الفلسفة بمباحثها؛ الحق والخير والجمال”، والفلسفة “نظرة كلية شاملة للكون”، وكل موضوع في الحياة يصلح أن يكون مادة للفلسفة لأنها تمثل الجانب الفكري في أي قضية.
بالنسبة للشعر لدى شاعرة الوادى، فإنه يوقظ مشاعر الإنسان ويحرك عواطفه ويجعله قريبا من منابع الحياة ويستميل الجانب الإنساني فيه فيتفاعل مع موضوع القصيدة لأنها لمست خلجات نفسه، فيفكر بعمق في موضوع القصيدة ويحاول استجلاء غوامضها.
وتضيف “الشعر مرتبط بالحياة ويعيش في وجدان الناس ففيه الحكمة والعبرة والمثل وهو ديوان العرب ونتذكر قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام “إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكمة”.
وتنوه إلى ما أحدثته بعض أبيات من الشعر من تغيير مصير الأفراد أو أحداث التاريخ، لذلك كلما كان الشاعر صادقا كان أكثر تأثيرا في المتلقي “وصادق الحب يملي صادق الكلم”.
تجربة شاعرة الوادى مع الإعلام “ثرية” فقد اعتمدت شاعرة ومعدة برامج في الإذاعة والتلفزيون المصري وعهد إليّها بإعداد برامج ثقافية وأدبية وبرامج للمرأة والطفل لتقدم في إذاعة شمال الصعيد والقناة السابعة في مدينة المنيا.
بعد سنوات من عملها الإعلامي في مصر، ترى مهني أن البيئة الإعلامية في العالم العربي تحتاج إلى الكثير من المراجعة، وتحديداً الإعلام الخاص، ” لأن المفترض أن الإعلام الذي يدخل كل بيت ويؤثر في كل الطبقات أن يكون لصالح المجتمع بكل أفراده لا لصالح فئة معينة هدفها الكسب المادي دون النظر إلى قضايا المجتمع والوطن”.
وبرأيها فإن من الضروري أن يخضع مقدم الخدمة الإعلامية لمقاييس دقيقة لخطورة موقعه، كما يجب المحافظة على إعلام الدولة ولا تترك الساحة كاملة للإعلام الخاص، كما يجب الاهتمام باللغة العربية ومناقشة القضايا بموضوعية وحرية كاملة دون تحيز للوصول لرأي صائب وهذا في صالح المرأة والمجتمع كله .