خطورة التقليد الأعمي (١)بقلم د محمود الصاوي وكيل كليتي الدعوة والإعلام السابق
الأربعاء 07-12-2022 21:34
عندما يتصفح الإنسان كتاب الله جل وعلا ويطالع دواوين السنة النبوية المطهرة يجد فيها تحذيرا شديدا من التقليد الاعمي والسير وراء الأفكار والأشخاص بدون معرفة خطورة هذه الأفكار أو ضررها علي حاضر الإنسان ومستقبله علي دنياه وآخراه و كذلك منطلقات وبواعث وحيثيات قناعة من يحملون هذه الأفكار ويزينونها للناس لذلك كان هذا المقال الذي بين يديك عزيزي القارئ لنتدارس معا هذا الموضوع وآثاره الجانبية السيئة علي الأفراد والأسر والمجتمعات خاصة فئة الشباب باعتبارها الفئة الأكثر انفعالا مع الأفكار وتعاطيا لها وربما يدفعهم الفضول والحماس في كثير من الأحيان مصحوبان بقلة الخبرة ربما في سرعة الاستجابة لكل فكرة يجدونها في طريقهم مهما كانت هشاشتها وصعفها بل وشدة ضررها ونبدأ بتحديد مفهوم
التقليد : يعني اتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل معتقدا الحقيقة فيه من غير نظر وتأمل في مبررات فعله .. وهو بهذا المعني السلبي يعني التبعية للغير دون بصيرة وتدبر وقد ذمه القرآن الكريم في كثير من المواضع منها قوله تعالي ( واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ماألفينا عليه آباءنا أو لو كان اباؤهم لابعقلون شيئا ولابهتدون …) فهؤلاء اكتفوا بتقليد الآباء وزهدوا في الإيمان بالأنبياء ومع هذا فآباؤهم اجهل الناس واشدهم ضلالا ، ثم يشبههم القرآن الكريم بانهم في اعراضهم عن الأنبياء وهداياتهم مثلهم كمثل البهائم التي ينعق لها راعيها وليس لها علم بمايقول فهم يسمعون مجرد الصوت لكنهم لايفقهونه فيها ينفعهم ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء صم بكم عمي فهم لايعقلون )
– واذا يممنا وجهنا ناحية السنة المطهرة نجد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي حذرنا فيها نبينا صلي الله عليه وسلم من التقليد الاعمي وأن يكون الرجل منا ( امعة ) ينساق خلف كل فكرة بدون وعي وبصيرة لايعطي نفسه فرصة للتدبر والتأمل في الأفكار التي تطرح عليه ولا في مآرب أصحابها
– يقول صلي الله عليه وسلم في حديث سيدنا حذيفة عن رسول الله ( لا تكونوا أمعة تقولوا أن احسن الناس أحسنا وان اساؤوا اسأنا لكن وطنوا انفسكم أن احسن الناس أن تحسنوا وأن اساؤوا الا تظلموا )
وفي الحديث الشريف دلالة واضحة وبيان شاف علي ذم التقليد والتنفير منه وهو من دلائل نبوته صلي الله عليه وسلم أن بخير ببعض ماكان وما هو كائن الي يوم القيامة فالحديث به إشارة واضحة الي أن أمته – إلا من رحم الله – ستركب رؤوسها وتتبع اهوائها وتسير سيرة السابقين حذو النعل بالنعل لا تغادر شيئا من معاصيها وزيفها وانحرافها إلا وقعت فيه يقتدون بهم في كل كبيرة وصغيرة
والامعة : الذي لارأي له ولا موقف له فهو يتابع كل أحد علي كل رأي ولا يثبت علي شئ ويوافق
كل إنسان علي مايريده .
التقليد والاتباع والفرق بينهما:
كل من أتبعت قوله ورأيه من غير دليل ولا معرفة ودون إدراك لطبيعة هذا التقليد ومآله في الخير أو في الشر يجري مع كل ريح ، فأنت تقلده تقليدا اعمي ..
بخلاف متابعة النبي صلي الله عليه وسلم في سنته ومتابعة أهل العلم والفضل كتقليد الرجل العامي للعالم الذي يثق بعلمه – وشهد له أهل العلم والمؤسسات العلمية برسوخ قدمه في ميدانه – في أمور دينه لان العامي لا يستطيع البحث ومعرفة الحكم بدليله . الانسان الامعة : الذي يقلد غيره تقليدا مجردا عن الشرع والعقل.