ads
رئيس التحرير
ads

مستشارة شيخ الأزهرأ.د.نهلة الصعيدي تشارك غدآ في الندوة الشهرية الثالثة لمجلة الأزهر حول «الممارسات الاحتكارية»…والتي يعقدها «مجمع البحوث الإسلامية»

الثلاثاء 13-12-2022 23:18

كتب

مستشارة شيخ الأزهر الأستاذة الدكتورة/ نهلة الصعيدي

في تصريح خاص( لبوابة التايمز الدولية)عن  مشاركتها غدآ في الندوة الشهرية الثالثة لمجلة الأزهر حول «الممارسات الاحتكارية»…والتي يعقدها «مجمع البحوث الإسلامية» ،برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، 

تقول فضيلتها :إن دور الأزهر الشريف هو توعية الناس  في ضوء الشريعة الإسلامية السَّمحةبخطورة الإحتكار.‘ فقد ورد النهي عن احتكار السلع في عدة أحاديث وذلك لما فيه من التضييق على الناس، فقد روى ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون” وروى أحمد والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله، وبرئ الله منه.”

وقدعرف الفقهاء الإحتكار بتعاريف متقاربة وتصب في مجملها في معنى واحد وهو: حبس التجار طعام الناس وأقواتهم عند قلتها وحاجتهم إليها ليرتفع السعر ويغلى، وقد اتفقوا في الجملة على أنه لا يجوز إذا أضر بالناس، وقيدوا ذلك بقيود اتفقوا على أغلبها واختلفوا في بعضها.

وحرم الاحتكار لما فيه من تضييق على عباد الله في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحتكر إلا خاطئ»،

وأوضحت الأستاذة الدكتورة /نهلة الصعيدي  تعريف الاحتكار

الاحتكار في اللغة:أنه جاء في لسان العرب لابن منظور رحمه الله: الحكر: ادخار الطعام للتربص، وصاحبه محتكر. قال ابن سيده: الاحتكار جمع الطعام ونحوه مما يؤكل واحتباسه انتظار وقت الغلاء به. قال الأزهري: الحكر: الظلم والتنقص وسوء العشرة، ويقال: فلان يحكر فلاناً إذا أدخل عليه مشقة ومضرة في معاشرته ومعايشته، والنعت حكر، ورجل حكر على النسب.

وجاء في القاموس المحيط للفيروزآبادي رحمه الله: الحكر: الظلم وإساءة المعاشرة، والفعل كضرب، والسمن بالعسل يلعقهما الصبي، والقعب الصغير والشيء القليل، وبالتحريك ما احتكر أي احتبس انتظاراً لغلائه.

الاحتكار في الاصطلاح:انه لا يختلف معنى الاحتكار الشرعي الاصطلاحي عن معناه اللغوي، وقد عرف عند الفقهاء بتعريفات متقاربة في المعانى والألفاظ.

أولاً – عند الحنفية: عرفه الإمام الحصفكي رحمه الله بقوله: «الاحتكار شرعاً اشتراء الطعام ونحوه وحبسه إلى الغلاء أربعين يوماً» لقوله صلى الله عليه وسلم «من احتكر على المسلمين أربعين يوماً ضربه الله بالجذام والإفلاس».

ثانياً – عند المالكية: عرفه الإمام الباجي رحمه الله بقوله: هو الادخار للمبيع وطلب الربح بتقلب الأسواق، أما الادخار للقوت فليس من باب الاحتكار.

ثالثاً – عند الشافعية : عرفه الإمام شمس الدين الرملي رحمه الله بقوله: هو اشتراء القوت وقت الغلاء ليمسكه ويبيعه بعد ذلك بأكثر من ثمنه للتضييق.

رابعاً – عند الحنابلة: عرفه الإمام ابن قدامة رحمه الله بقوله: والاحتكار المحرم ما اجتمع فيه ثلاثة شروط: أحدها: أن يشترى؛ فلو جلب شيئاً أو أدخل من غلته شيئاً فادخره لم يكن محتكراً. والثاني: أن يكون المشترى قوتاً، فأما الإدام والحلواء والعسل والزيت وأعلاف البهائم فليس فيها احتكار محرم. والثالث: أن يضيق على الناس بشرائه، ولا يحصل ذلك إلا بأمرين:

أحدهما: أن يكون في بلد يضيق بأهله الاحتكار كالحرمين وبالثغور.

الثاني: أن يكون في حال الضيق بأن تدخل البلد قافلة فيتبادر ذو الأموال فيشترونها ويضيقون على الناس(9).

والتعريف المختار :هو أن الاحتكار هو حبس مال أو منفعة أو عمل، والامتناع عن بيعه وبذله حتى يغلو سعره غلاءً فاحشاً غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده في مظانه، مع شدة حاجة الناس أو الدولة أو الحيوان إليه

ومدلول هذا التعريف ما يلي:

 أولاً – أن الاحتكار هو حبس ما يحتاج إليه الناس، سواء أكان طعاماً أم غيره مما يكون في احتباسه إضرار بالناس وتضييق الحياة عليهم، وهذا بإطلاقه شامل لكل شيء من المواد الغذائية، والثياب، ومنافع الدواء، والأرضين، والأدوية، وآلات ومواد الإنتاج الرزاعي والصناعي، كالمحاريث والأسمدة، كما يشمل منافع وخبرات العمال، وأهل المهن والحرف والصناعات، والفنيين، وأصحاب الكفاءات العلمية، إذا احتاجت الأمة إلى مثل تلك السلع والمنافع والخدمات، إذ  (المناط) هو حقيقة الضرر من حيث هو بقطع النظر عن نوع الشيء المحتكر، فيجبر هؤلاء على بذل ما لديهم، رعاية لحق الأمة، ودفعاً للضرر عنها في مثل هذه الظروف، بالثمن أو أجر المثل العادل، إذا امتنعوا عن ذلك.

وأساس هذا الأمر: أن كل ما لا تقوم مصالح الأمة أو الدولة إلا به فتحصيله واجب.

ثانياً –  لم يقيد التعريف كما نرى بما إذا كانت الأموال المتحكرة مجلوبة  (مستوردة) من الخارج، أو كانت موجودة في سوق المدينة فاشتريت وحبست، أو كانت مستغلة من أرض المحتكر نفسه.

ثالثاً – شمل التعريف كل ما أضر بالإنسان والدولة والحيوان حبسه، وذلك من مميزات الشريعة الإسلامية التي شملت أحكام الرفق بالحيوان، «في كل ذات كبد رطبة أجر».

رابعاً – أظهر التعريف (الحاجة) التي هي علة تحريم الاحتكار؛ فليس كل ظرف من الظروف يكون فيه حبس هذه الأشياء احتكاراً، وإنما يكون احتكاراً في ظرف الحاجة الذي يقع فيه الضرر، فإذا لم يوجد مثل هذا الظرف كان الادخار احتباساً مباحاً، لأنه تصرف في حق الملكية بل قد يكون واجباً إذا كان اختزاناً احتياطياً.

خامساً – أبرز التعريف ظاهرة (الحاجة) التي هي مناط تحريم الاحتكار، وتشريع أحكامه، إذ ليس كل ظرف يعتبر فيه حبس هذه الأشياء احتكاراً محرماً، بل ظرف الحاجة الذي يوقع في الضرر (هو المناط) حتى إذا لم يتحقق هذا المناط كان اختزاناً، أو ادخاراً مباحاً، لأنه تصرف في حق الملكية.

وتشير مستشارة شيخ الأزهر إلي :حكم الاحتكار فقداختلف الفقهاء في حكم الاحتكار على مذهبين:

المذهب الأول: أن الاحتكار محرم، وهذا مذهب جمهور الفقهاء منهم المالكية ، والشافعية على الصحيح عندهم، والحنابلة، والظاهرية، وغيرهم.

واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة والمعقول والأثر، ومن أدلتهم:

أولاً : من القرآن الكريم قوله تعالى )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَاد وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الحج 25.

وجه الدلالة: قال الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: روي عن يعلى بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه»، وقد فهم من هذا صاحب الاختيار الحنفي أن الآية أصل في إفادة تحريم الاحتكار.

وقال الإمام الغزالي عند تفسيره لهذه الآية: إن الاحتكار من الظلم وداخل تحته في الوعيد.

وما ذهب إليه الإمام الغزالي هو القول الراجح، إذ إن مدلول الآية عام ويدخل تحت النهي كل من أراد محرماً، ولا شك أن الاحتكار داخل تحت نطاق هذا العموم الشامل للاحتكار وغيره، فإن قيل إن الآية نزلت بسبب غير النهي عن الاحتكار قلنا إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

ثانياً: من السنة النبوية: ما روي عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبدالله العدوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يحتكر إلا خاطئ» .

وجه الدلالة: والتصريح بأن المحتكر خاطئ كاف في إفادة عدم الجواز، لأن الخاطئ هو المذنب العاصي وهو فاعل من خطئ من باب علم إذا أثم في فعله.

وقال الإمام الشوكاني رحمه الله: والتصريح بأن المحتكر خاطئ كاف في إفادة عدم الجواز لأن الخاطئ المذنب العاصي.

ومنها: ما روي عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة»(25).

وجه الدلالة: دل هذا الحديث على معاقبة من يقدم على ذلك بمكان في النار، ولا يكون ذلك إلا لارتكابه المحرم.

ومنها: ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ».

وجه الدلالة: الحديث واضح الدلالة كسابقه على تحريم الاحتكار وعدم جوازه.

ومنها: ما رواه عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس»

وجه الدلالة: الحديث يفيد تحريم الاحتكار لأن من يبتليه الله بهذا عقاباً لا يكون إلا على ارتكابه محرماً.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ولا شك أن أحاديث الباب تنتهض بمجموعها للاستدلال على عدم جواز الاحتكار، ولو فرض عدم ثبوت شيء منها في الصحيح فكيف وحديث معمر مذكور في صحيح مسلم؟.

ثالثاً: من الأثر: ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب إلى رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف، فذلك ضيف عمر، فليبع كيف شاء الله وليمسك كيف شاء الله »، وروي أن عثمان رضي الله عنه كان ينهى عن الحكرة، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «من احتكر الطعام أربعين يوماً قسا قلبه»

وخلاصة القول انه يجب علي الجميع عدم إحتكار أي سلعة كانت وأنّ الحكمة من تحريم الاحتكار الحيلولة دون إلحاق الضرر بالناس في حاجياتهم الاساسية.

ads

اضف تعليق