أمريكا والإسلام(3) بقلم أ.د. محمود الصاوي الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام جامعة الأزهر
السبت 17-12-2022 15:29
أمريكا أمة من المهاجرين بصرف النظر عن الإشكاليات الفقهية الدائرة والمفتعلة حول مصطلح الهجرة وعدم اعتبار التغرب أو مفارقة الديار والاوطان ،
( هجرة ) وقصرها علي (الهجرة الشرعية ) فقط ..فأري أن في كلام سيد البشرية صلي الله عليه وسلم ما يحسم هذا الجدل( … فمن كانت هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله ) ولم ينف الحديث صفة الهجرة عن من هاجر لأسباب دنيوية فقال
( ومن كانت هجرته الي دنيا يصيبها أو… ) .
وإثارة مثل هذه القضايا علي مواقع الانترنت المختلفة في ثنايا الفتاوي المتشددة لم ولن يوقف سيل موجات الهجرة عبر العالم. وطبيعي جدا أن تتنوع أسباب وحيثيات الهجرة زمانيا ومكانيا
وحديثنا في هذا المقال عن الهجرات الإسلامية الولايات المتحدة الأمريكية؟
ويلاحظ المتتبع لهذه الهجرات أنها مرت بمراحل ثلاثة
– المرحلة الأولي:
في القرن ال(١٦) مع وصول الاندلسيين الموريسكيون الذين اظهروا النصرانية واخفوا الإسلام في قلوبهم بسبب وحشية محاكم التفتيش ومطاردة المسلمين والسياسات القمعية نحوهم علي نحو اختفت معه ملامح الإسلام في ذلك الوقت من عمر القارة .
– المرحلة الثانية:
.ابتدأت في القرن ال(١٧)وامتدت الي القرن ال(١٨) تزامنا مع استجلاب الأفارقة للعمل في الأراضي الجديدة في العالم الجديد كعبيد في المزارع وكان فيهم نسبة كبيرة من المسلمين ، وبين مطرقة الإذلال وسندان التنصير مسح الإسلام أيضا في تلك الفترة، لكنه عاد لاحقا بقوة بعودة الآلاف من الأفارقة اليوم الإسلام دين الأجداد
– المرحلة الثالثة :
من ١٨٦٠ – ١٩١٢ كانت غالبيتها من بلاد الشام وشملت سكان البانيا ويوغسلافيا – وامتدت الي نهاية الحرب العالمية الأولي واستيلاء الاحتلال الاوربي علي الشام ونزح الكثيرون الي أمريكا..
وطبيعي أن قوانين الهجرة الأمريكية كانت تتحكم في نوعيات وجنسيات المهاجرين: حيث شاهدنا نظام الحصص حيث ربطت الموافقات علي الهجرة بنسبة المقيمين من كل دولة مما حجم دخول المسلمين خلال هذه الفترة
– عقب الحرب العالمية الثانية وبعد صدور قانون الجنسية الأمريكي ١٩٥٢م تحركت عجلة الهجرة وإلي الستينات حيث اعطي القانون الأمريكي الحق في التجنس لكل مهاجر استنادا للنسب المئوية لدولته في السكان
– ١٩٦٥ م الغي جونسون قانون الهجرة علي الحصص فارتفعت نسبة الآسيوين والشرق اوسطيين تزامنا مع الأحداث للتي وقعت بالعالم الإسلامي زادت نسبة المهاجرين للعالم الجديد ..- ومعلوم دائما أنه في أعقاب الحروب والأحداث الكيري في تاريخ المجتمعات تحدث الهجرات وعمليات النزوح لمناطق أكثر استقرارا وامنا في الداخل أو في الخارج.. .احداث ١٩٦٧م واحداث إيران ١٩٧٩م ثم الحرب الأهلية بباكستان والحرب اللبنانية والحرب العراقية. هرب بسببها الكثير من الاكراد ، وكذلك الحرب في الصومال وفي أفغانستان ….الخ
ولا شك أن القوانين المنظمة للهجرة في المجتمعات الأكثر حظوة بالأمن والاستقرار يكون لها العامل الحاسم في فئات ونوعيات المهاجرين وإعطائهم المظلة القانونية لها أو رفض استقبالهم علي أراضيها رغم مايعانونه من مظالم وويلات في مجتمعاتهم الاصلية
في الحلقة القادمة – باذن الله – نستعرض معك عزيزي القارئ إعداد وطوائف المسلمين في المجتمع الأمريكي