الرئيسية آخرالاخبار آراءحرة أخبار العالم الأوهرالشريف الرأى الرئيسية الصحافة العالمية الصفحةالرئيسية جامعات صحافة عالمية صحافة محلية مختارات صحيفة التايمز الدولية
الأستاذالدكتور غانم السعيد عميد كليتي الإعلام واللغة العربية السابق يكتب:تكريم المتقاعدين •• بين الثناء الجميل عليهم …وتكسير (القُلَلِ) من خلفهم.
الإثنين 19-12-2022 20:53
عندما يترك المسئول- أي مسئول- مقعده لمن يجلس عليه، ومنصبه لمن يسند إليه، هنا تنكشف الحقائق، ويظهر مافي حنايا الصدور ، ويصبح التارك لمنصبه واحدا من اثنين:
الأول: تظل آثاره الطيبة خالدة، وأعماله الحسنة تذكٍّر به وتذْكُرَه، وبالثناء عليه تلهج الألسنة، ويبقى احترامه في قلوب من كانوا مرؤسيه حاضرا بل زائدا، لا ينقطع معه التواصل، وإذا حضر احتضنته القلوب والعقول، وإذا غاب كان كالطيب يغيب مصدره ويبقى عبقه يملأ المكان شذا وعبيرا، إذا أقيمت المناسبات السارة كان أول المدعوين إليها والملبين لها، وإذ دعا داعي التطوير والإنجاز لمؤسسته كان أول المشاركين فيها وأهم الداعمين لها.
أما الآخر ، فهو – برحيله – غمة قد انجلت، وداء عضال جاء أوان الشفاء منه فذهب وانقشع، إنْ ذكر اسمه أتفل السامع يمنة ويسرة، وحوقل وتعوذ بالله من رجسه وشره، فكم أذاق مرؤوسيه من ويلات، وقطع عنهم الأرزاق، وتعسف – بل تجاوز – في تطبيق القانون واللوائح فخرب البيوت وشرد الأسر، وكلما سمع أو رأى نتائج مظالمة انتفخ وانتشى وزاد من ظلمه وبغى، فيه سادية تعشق التعذيب، وتتلذذ بسماع أنات المكلومين ودموع البائسين من ظلم قرارته، لايرى خيرا إلا منعه، ولا يسمع عن شر إلا رحب به واستجلبه، يتباهى في مجالسه بما خرب ودمر من نفوس وبيوت، وإذا فاته أن يظلم ممن ظن أنه شنيئه ونده ونظيره، بحث عن أقرب الناس إليه ممن تحت سلطته ونفوذه فنكل به، وعمل على تضييع مستقبله، مع أن الله يقول:﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾.
وإذا رأى أن أحد مرؤوسيه قيادة ناجحة يسعى إلى النهوض بمؤسسته ويعمل على تطويرها، أكل الغيظ قلبه، وظن وهمه المريض أنه جاء ليزيحه عن كرسيه ويريحه، أو أن شهرته ستطفئ نار مسئوليته، فعدَّه عدوه الأشد، وخصمه الألد فيسعى دائما إلى تعويقه، وتدمير نفسيته، وقتله معنوياته بترديد الإشاعات عن ضميره وذمته ، وهو أنقى من الثوب الأبيض، وأطهر من ماء السماء.
إن الذي هذه أوصافه، له عند مرؤسيه تكريم متوارث عرفه المصريون منذ القدم، فكلما اقترب موعد رحيله، وآن وقت أفوله وغروبه أجمعوا أمرهم وعملوا على تجميع أكبر عدد من (الْقُلَل) ليزفوه بها، ويسمعوه أنغام تكسيرها، وتظل دعواتهم عليه تطارده في ليله ونهاره، في حله وترحاله، حتى يروا عجائب قدرة الله فيه.
والله يمهل ولا يهمل.
وما ربك بظلام للعبيد