«# اسمي .بابل» احتجاج شبابي يتحدى سلطة رجال الدين
الثلاثاء 28-06-2016 11:11
كشفت الحملات الأخيرة التي أطلقها شباب عراقيون ضد تحرك رجال دين لتغيير اسم مدينة بابل الى «مدينة الحسن» عن تمسك الجيل الجديد بتراثه وتاريخه على رغم الظروف الصعبة والاستقطاب الطائفي الحاد.
أشهر الحملات هي تلك التي قامت بها مجموعة من الشباب المدونين على «فايسبوك» وحملت وسم (# اسمي_ بابل) وانطلقت بعد نشر خبر على موقع العتبة الحسينية مفاده أن العتبتين تدرسان تغيير اسم مدينة بابل إلى مدينة «الحسن» باعتبار التسمية السابقة هي تسمية مدينة وثنية.
وبعد دقائق قليلة من نشر الخبر على الموقع، تداول الشباب العراقيون نصه على منصات التواصل الاجتمــــاعي وخصوصاً «فايسبوك» لتبدأ التعليقات تتوارد في شكل سريع حتى انطلقت حملات الكترونية ترفض تغيير اسم المدينة التاريخية وتطالب بحفظ التراث وإبعاد رجال الدين والسياسة عن بابل. أحد المدونين عرض صورتين لبابل واحدة ظهرت فيها الجنائن المعلقة وكتب عليها «بابل 2016 قبل الميلاد» والأخـــرى ظهرت فيها ساحة فارغة وصغيرة مع احد جسور المدينة وكتـــب عليها «بابل 2016 بعد الميلاد»، للمقارنة بين ما كانت تمثله بابل تاريخياً وبين ما آلت اليه أوضاعها اليوم بسبب الإهمال. مدون آخر سخر من الموضوع في شكل مختلف وكتب تعليقاً نصه «تم تغيير لوحات المرور في مدينة الحسن عليه السلام ( بابل سابقاً)» وعرض صورة للوحة سيارة كتبت بالاسم الجديد للمدينة وبالرقم القديم ذاته.
وبلغ الغضب بأحد المدونين حداً اتهم فيه رجال الدين بـ «الجهلة» فخاطبهم قائلاً بعصبية «يعني تالي شلون وي حرامية المذهب… حتى بالقرآن اسمها بابل يا جهلة».
وكتب مدون آخر احتج على التغيير «خبروا الدواعش الجدد بأن بابل سوف يبقى اسمها # بابل».
الاختلاف في التعبير كان يصب في خانة واحدة هي رفض تغيير اسم المدينة التأريخية لكن البعض ذهب أبعد من ذلك إذ أطلق احد المدونين نداء مغايراً وطلب بإعادة الأسماء القديمة للمدن العراقية كلها التي تم تغييرها في زمن الأنظمة السياسية السابقة وقال انه يتوجب تغيير اسم محافظة القادسية الى «كلكامش» وتغيير اسم محافظة ذي قار الى «سومر» والمثنى الى «أكد» وحذف اسم الموصل والإبقاء على «نينوى».
وكتب المدون «هكذا نستعيد بعض ملامح حضارة يراد دثرها وتغييبها عن سكان بلاد ما بين النهرين/ ميزوبتاميا».
وانضمت الى الحملة مواقع مسيحية عدة ترفض تغيير التراث وحذف اسم بابل من التاريخ لا سيما أن مسيحيي العراق هم من أكثر السكان اعتزازاً بالتاريخ العراقي القديم.
حملات الشباب وتأثيرها دفعت القائمين على المشروع في العتبتين الحسينية والعباسية في كربلاء الى تقديم توضيح حول الموضوع بعدما تم رفع الخبر السابق من الموقع بحجة وجود خطأ تحريري فيه.
التوضيح أكد ان الخبر كان فيه التباس من قبل المحرر، لكن هذا الكلام لم يقنع الشباب المدونين لا سيما أن الخبر الأول لم يتم رفعه إلا بعد انطلاق حملات «فايسبوك» ضده.
وعلق الكثيرون على أن القضية كانت حقيقة لكن القائمين على تلك الخطوة لم يتوقعوا ان تكون ردود فعل الشارع العراقي بالحجم الذي وصلت اليه «وإلا لماذا تأخروا في رفع الخبر ولم يتخذوا أي إجراء إلا بعد قيام الشباب بحملات مدافعة عن التراث»، على ما شرح كثيرون عدم اقتناعهم بتبريرات الموقع وواصل بعضهم الكتابة عن الموضوع، لا سيما أن الخبر تبنى دعوة أطلقها محسن الحكيم آنذاك لتغيير اسماء محافظات العراق كله على اسماء الأئمة.
حملات الاعتراض على تغيير اسم بابل كانت الخطوة الجريئة الأولى التي يشهدها العراق منذ فترة، لمعارضة رجال الدين ودفعهم الى التراجع عن قرار كانوا بتوا فيه وحصلوا على موافقة مبدئية من المحافظة بتغيير اسم المدينة العريقة. هي خطوة جريئة، تمنح بعض الأمل في جيل بات متهماً بالخنوع والرضوخ لرجال الدين لا سيما أن حاجزاً منيعاً بقي قائماً لسنوات بين المواطن العادي ورجل الدين الذي يحدد مسارات الحياة للملايين من السكان العراقيين.