فقه الزلزال قراءة معاصرة…للأستاذالدكتور:محمودالصاوي استاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهرووكيل كليتي الإعلام والدعوة الأسبق
الأحد 12-02-2023 19:06
لم تهدأ مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية والجديدة لحظة واحدة منذ أن وقعت الهزات الأرضية ( الزلازل ) وتوابعها والتي أصابت أشقائنا في القطرين الشقيقين سوريا وتركيا …. خاصة من هذه الخسائر البشرية الفادحة التي وصلت عشرات الآلاف من الشهداء وتجاوزت مائة ألف مصاب حتي الان ودمرت البنية التحتية لعشرات المدن في القطرين الشقيقين …. وتساؤلات الناس في كل العالم الإسلامي لم تتوقف وضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي وتعددت التحليلات وتنوعت الرؤي واختلفت القراءات بين الناس لهذه الأحداث العظيمة التي لازال يئن من وطأتها وشدتها ملايين البشر في البلدين الشقيقين وفزع المخلصون من كل أنحاء الدنيا للتسابق علي تقديم العون والمساعدة المادية والمعنوية والطبية والغذائية وخيام الايواء لعشرات الآلاف من المهجرين من مدنهم وديارهم .. ولاشك أن الزلازل والبراكين والعواصف والسيول والتسونامي والكسوف والكسوف وغيرها آيات لله تبارك وتعالي لها سنن ولها قوانين مضطردة ….
ومما يلاحظ علي هذه السيل الجارف من الكتابات التي تناولت الأحداث أنها تجنح ذات اليمين وذات اليسار فمن قائل أنها اختبار وامتحان وابتلاء من الله عز وجل ليردهم اليه ردا جميلا متمسكون ببعض ماورد في الأحاديث القدسية والنبوية في اشاراتها الكاشفة عن المنهج الإلهي في تربية للعباد والخلق ..
( إن تابوا الي فانا حبيبهم وأن لم يتوبوا فأنا طبييهم ابتليهم المصائب لاخلصهم من المعايب ..) وآخرون يقولون أنها ليست بحد ذاتها دالة علي عقوبات ينزلها الله بعباده خاصة واننا نري أن اضرارها وآثارها يدفع فاتورتها الصالحون والطالحون والطائعون والمقصرون حتي الأطفال وغير المكلفين …
ونحاول أن نقدم من خلال هذا المقال عزيزي القارئ رؤية تحليلة تمثل جرس إنذار لما ينبغي أن ننتبه جميعا اليه …
أن هذه السطور التي بين يديك عزيزي القارئ
نكتبه عظة وتدبرا و جرس إنذار وتنبيه لكل الا حباب وألاصدقاء الزلازل : ليست مجرد ظواهر كونية وفقط ….الزلازل ليست عقوبات لكل من نزلت به من الخلق فقد تكون كذلك وقد تكون ابتلاء ا وتمحيصا ورفع درجات ولعل من الواقع المشاهد أن أثرها يقع علي الصالح والطالح علي السواء والطائع والعاصي بل حتي الصبيان الذين لم يجر عليهم قلم التكليف بل والأطفال الرضع
وعليه فكُلُّ من :
-يصف ما ينزل بالناس من مصائب وكوارث أنه مجرد ظواهر كونية لا علاقة لها بما كسبت أيدي الناس، ولا حِكمة منها..
-أو يصف الخطابَ الذي يُذكّر الناس عند مثل هذه المصائب والكوارث ب(نُذُرِ اللهِ وبأسِه وآياته التي يُخوّف بها عباده ليتّقوه، ويُذكرهم بالتوبة والاستغفار، والتضرُّع، و الاستكانة) ونحو ذلك بأنه خطاب ليس مناسبا =فهو شخص جمع مع الجهل بالشرع الصدَّ عن سبيل الله!
بل هذا التذكير هو أصدقُ ما يُقَالُ وأنفعُ ما يقال وهو أخصُّ ما يُحتاج إليه في هذا المقام
ويُجمع معه التذكير بحُسن الظن في الله والصبر والاحتساب، والحث على إعانة المكلومين بالدعاء والدعم وغيره
*ومن يحسبُ أن مثل هذا الخطاب يُوجب أن تكون تلك المصائب عقوبةً على كل من نزلتْ به فهو مخطئ
بل هي لبعضهم عقوبةٌ
ولبعضهم بلاءٌ يُمتحنون به
ولبعضهم تمحيص وتطهير وتكفيرٌ لخطاياه، ورفعٌ لدرجته إذا صبر واحتسب
*واللهُ تبارك وتعالى وهو العليمُ الحكيم اللطيف الخبير ولا يظلمُ مثقال ذرة.
وهذا أصلٌ مُحكَمٌ في القرآن فلا يصدّنّك عنه قولُ من عمِي عن آيات الله ونُذُرِه.
بل اجهر به وعِظِ الناس به.
اللهم ربنا لا تجعلنا عن آياتك ونُذُرك غافلين
و نج عبادك، واربط على قلوبهم وتقبل من قضى في الصالحين
واكفي المسلمين شرّ الصادين عن سبيلك.
بقلم:الأستاذالدكتور.محمودالصاوي استاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهرووكيل كليتي الإعلام والدعوة الأسبق