ads
رئيس التحرير
ads

ليلة القدر ومعنى الألف شهر:بقلم الأستاذ الدكتورعصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية جامعة الأزهر وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بسوهاج..

السبت 15-04-2023 22:25

كتب

ليلة القدر هي تلك المنحة الإلهية ، والعطية الربانية لأمة خير البرية صلى الله عليه وسلم.
إنها الليلة التي هي خير من ألف شهر ، خير من ألف شهر جهادا وقياما وعبادة وطاعة ، وذلكم عباد الله فضل الله يؤتيه من يشاء.
قال الله تعالى عنها: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ .
والألف شهر تعادل ثلاثا وثمانين سنةً وأربعة أشهر، وهو عمر إنسان معمر من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك تأكيد على فضلها وأهميتها.
قال الطوسي رحمه الله: «ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعلهم في آخر الزمان، وجعل أعمارهم قصيرة، وضاعف لهم الثواب».
وروى الترمذي، وابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ).
فعوضهم الله بليال وأزمنة وأمكنة ومناسبات تتضاعف فيها الأجور، كليلة القدر وعشر ذي الحجة، وصيام عرفة، وغير ذلك.
أما عن المقصود بقوله تعالى:(خير من ألف شهر)، فقد قال كثير من المفسرين : أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وقال أبو العالية : ليلة القدر خير من ألف شهر لا تكون فيها ليلة القدر .
وعلى ذلك فمعنى { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }- أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهرخالية منها.
وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، وهو عمر رجل معمر عمرًا طويلًا، نيفًا وثمانين سنة.
وقيل : عنى بألف شهر جميع الدهر ، لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء ، كما قال تعالى : (يود أحدهم لو يعمر ألف سنة) يعني جميع الدهر .
وقيل : إن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابدا حتى يعبد الله ألف شهر ، ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر ، فجعل الله تعالى لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم – عبادة ليلة خيرا من ألف شهر كانوا يعبدونها .
وقال أبو بكر الوراق : كان ملك سليمان خمسمائة شهر ، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فصار ملكهما ألف شهر ; فجعل الله تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما .
وروى ابن أبي حاتم، عن مجاهد أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، قال: فعجب المسلمون من ذلك قال: فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: { إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر} أي التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل اللّه ألف شهر.(أخرجه ابن أبي حاتم).
وروى ابن جرير، عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدّو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر، فأنزل اللّه هذه الآية { ليلة القدر خير من ألف شهر} أي قيام تلك الليلة، خير من عمل ذلك الرجل. (أخرجه ابن جرير عن مجاهد موقوفاً).
ومن العجيب أن الله تعالى لم يقل عن هذه الليلة إنها تساوي ألف شهر ، بل قال : خير من ألف شهر، فهي تزيد عن الألف شهر وتفضل.
وقد اجتهد بعض العلماء فقال : إن فضل هذه الليلة يعدل عشرة آلاف شهر ، لأن لفظ ( خير ) ورد في القرآن الكريم مرادا به عشرة أضعاف الشيء ، وذلك في قوله تعالى : ( من جاء بالحسنة فله خير منها ) في موضعين من كتاب الله عزوجل: النمل ٨٩ ، القصص ٨٤ ، ثم فسرت هذه الخيرية بعشرة أمثال ، وذلك في سورة الأنعام: ( من جاءبالحسنة فله عشر أمثالها). ( الأنعام ١٦٠) .
والله تعالى أعلم بالصحيح من هذه الأقوال التي يجمعها جميعا التأكيد على فضل هذه الليلة المباركة ، وعظم الأجر والثواب فيها .
نسأل الله تعالى أن يبلغنا ليلة القدر ، وأن يرزقنا مت فيها من الخير، وأن يضاعف لنا فيها الثواب والأجر.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
بقلم الأستاذ الدكتورعصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية جامعة الأزهر وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بسوهاج..
ads

اضف تعليق