الرئيسية آخرالاخبار آراءحرة أحداث عالمية أخبار العالم أخبار عاجلة أخبار عالمية أخبار عربية أخبار في أخبار الرأى الرئيسية الصحافة العالمية الصفحةالدينية الصفحةالرئيسية العالم في أخبار بأقلامهم شئون دينيه
من هدي النبي- صلى الله عليه وسلم- في جبر الخواطر.للدكتورغانم السعيد عميد كليتي اللإعلام واللغة العربية الأسبق بالقاهرة
السبت 29-04-2023 10:38
جبر خواطر المنكسرين، وقضاء حوائج السائلين، كان هديا محمدا يحرص عليه الرسول-صلى الله عليه وسلم-كل الحرص قولا وفعلا، وما ذاك إلا لتأكيده على قيمة وأهمية هذه الطاعة في الإسلام، والأمثلة على جبره للخواطر أكثر من أن تحصى، ومن هذه الأمثله، جبره لخاطر الصحابي الجليل عبدالله بن عبدالله بن أبي بن سلول، فمعروف أن أباه(عبدالله بن سلول) كان رأس النفاق في المدينة.
ولم يؤذ النبي أحد في المدينة المنورة كما آذاه هذا المنافق العنيد العتيد.
فقد خذله يوم أحد إذ عاد بالجيش، وخذله أيام الخندق عندما انسحب فجأة ومضى يوهن عزيمة الناس في جوٍّ مُلبد بالخوف والبرد والقلق..
وسبه علانية أمام الناس، قبل أن يفعل فعلته الشنيعة بالتطاول على شرف حبيبته الطاهرة المطهرة أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها.
ومع هذه الشراسة في الأذى، واللدد في الخصومة فإن ذلك لم يشغل النبي-صلى الله عليه وسلم- بقدر ما شغله وأحزنه أمر الصحابي الجليل ( عبدالله) ابن المنافق عبد الله بن سلول، فإن الابن عبد الله قد أسلم واتبع النبي بحب وإخلاص، وكاد فؤاده يتقطع بين حبه لأبيه، وحبه لنبيه.. والنبي يرى ذلك ويحزن له، ويأسف عليه!!
وفي أحد الأيام جاء الابن يعرض على رسول – صلى الله عليه وسلم- أن يقتل أباه بسيفه- إن أذن له بذلك- وحجته أنه لن يسمح لأحد أن يمس أباه وسينتقم ممن سيفعل ذلك، وعليه إن كانت النية متجهة لقتل والده الذي شتم النبي وخاض في عرضه فهو أولى الناس بذلك!!
ولكن جابر الحيارى والمنكسرين محمد – صلى الله عليه وسلم- بربت على كتف صاحبه ويقول له “بل أحسن صحبته” ووصاه ببر أبيه .. خصمه وعدوه!
ثم مات العدو، وجاء الصاحب للنبي- عليه الصلاة والسلام- يطلب منه رداءه كي يكفن فيه أباه..
فأعطاه النبي الرداء، فزاد كرم النبي من طمع الإبن فطلب منه أن يصلي عليه .. فوافق النبي!
ووقف الصحابة مشدوهين مندهشين، من موافقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكن ابن الخطاب كعادته لم يسكت واعترض، محاولا أن يثني النبي- صلى الله عليه وسلم- ولكن النبي مضى إلى تنفيذ ما يريد، ويحكى لنا سيدنا عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- ما حدث بين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعمر في هذا الموقف، في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري- فيقول: “لَمَّا مَاتَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، دُعِيَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُصَلِّيَ عليه، فَلَمَّا قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( يقول عمر): “وثَبْتُ إلَيْهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتُصَلِّي علَى ابْنِ أُبَيٍّ وقدْ قَالَ يَومَ كَذَا وكَذَا: كَذَا وكَذَا؟ أُعَدِّدُ عليه قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَالَ: أخِّرْ عَنِّي يا عُمَرُ فَلَمَّا أكْثَرْتُ عليه، قَالَ: إنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لو أعْلَمُ أنِّي إنْ زِدْتُ علَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ له لَزِدْتُ عَلَيْهَا قَالَ: فَصَلَّى عليه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إلَّا يَسِيرًا، حتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِن بَرَاءَةٌ: {وَلَا تُصَلِّ علَى أحَدٍ منهمْ مَاتَ أبَدًا} [التوبة: 84] إلى قَوْلِهِ {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِن جُرْأَتي علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ، واللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ”.
ثم يسألوننا بعد ذلك لماذا تحبون رسولكم؟!
نحبه لأنه جابر للخواطر، لأنه يرمي خلف ظهره حسابات الناس، لأنه الأعظم الذي تلهث العظمة خلفه كي تصل إلى أبعاد نبله ورقيه..
عندما أسلم عكرمة بن أبي جهل أصدر النبي فرمان بألا يذكر أحد أباجهل بسوء حتى لا يؤذي مشاعر الإبن ..
إن يد النبي الحانية لم تترك فؤاداً إلا طمأنته،ولا منكسرا إلا جبرته.
طبت حيا، وطاب مقامك في الفردوس الأعلى من الجنة يا حبيبي يا رسول الله.